قصّة "انتحار" فتى في لبنان تشغل "تيك توك"... التوعية والاستماع الى المراهقين أولاً

ثلاثاء, 01/09/2024 - 16:28 -- siteadmin

تمتلئ منصّة "تيك توك" بفيديوات رثاء لفتى لبناني يبلغ من العمر 15 عاماً، مصحوبة بروايات عديدة عن سبب وفاته، على رأسها فرضية الانتحار.

الرسائل المؤلمة تورد أسباباً مختلفة لإقدام الفتى على "الانتحار"، فيما تعيش العائلة حزنها الكبير ويؤلمها ما يُنشر ويُكتب من روايات تصفها مصادر مقربة بـ"المغلوطة" وتتناول حادث قضاء وقدر.

نحترم قرار العائلة بعدم الحديث الى الإعلام ولا ننشر صورة ابنها الفقيد ولا تلك الفيديوات المتداولة.

المؤكد أن هناك طلقة نارية أنهت حياة الشاب كما أكد مصدر أمني لـ"النهار" قبل أربعة أيام في في إحدى ضواحي بيروت، والتحقيق المفتوح له الكلمة الفصل في بتّ النتيجة والأسباب.

وبوجود روايات تناولت الانتحار ونسبته الى أسباب مشاكل شخصية وقد تلقاها عدد كبير من الجيل الذي يملك حسابات نشطة على "تيك توك"، نجد أن من الواجب الإضاءة على جانب التوعية، احتياطاً وحثّاً لكل عائلة للتأكد من الدائرة التي تحيط بأولادها، ومن سلامة مشاعرهم وما يواجهونه في هذه المرحلة الحسّاسة من أعمارهم.

منذ أشهر، دقّ رئيس قسم الطبّ النفسي في مستشفى أوتيل ديو البروفيسور سامي ريشا ناقوس الخطر معلناً "أنّ الوضع النفسي خطير في لبنان، وحالات الانتحار الى تزايد إضافيّ".

وأشار إلى وجود عدد كبير من الحالات تراوح أعمارها بين 12 عاماً و21 عاماً لأسباب نجهلها، وربّما تصبّ في خانة انسداد الأفق عند هذه الشريحة من الشباب أو فقدانهم الأمل بأيّ غد أفضل...".

ما أسباب انتحار المراهقين؟ 

قد تؤدي عوامل وأسباب عديدة دوراً في هذه الظاهرة، وفق ريشا "ولا يمكن حصر محاولات الانتحار عند المراهقين في سبب واحد، ولكن تؤثّر عوامل كثيرة، منها الضغوط الحياتية والعائلية، الجائحة وما خلّفته من التهابات ومشاكل صحّية، والتي تُذكّرهم بالخوف والقلق والموت، الظروف الاقتصادية، والأهمّ انعدام الرؤية للمستقبل وعدم وجود أمل وانسداد الأفق، وهذا من شأنه أن يكون عائقاً ومشكلة حقيقية لدى المراهق".

لذلك ينصح رئيس قسم الطبّ النفسيّ في مستشفى أوتيل ديو بتعزيز الحوار بين الأهل والولد، ومن المهمّ أن يعرف الأهل أنّه حتّى وإن لم يتحدثوا أمام أبنائهم عن المشاكل، فإنّهم يشعرون بهم وبما يقلقهم. من المهمّ أن نتحدّث معهم ونحثّهم على مشاركتنا مخاوفهم وهواجسهم، وأن يعبّروا عمّا في داخلهم. كما على المدرسة أن تسلّط الضوء أكثر على أهمية التعبير والبوح عند هذه الفئة".

وقد تساعد بعض علامات القلق التي تظهر عند هذه الفئة في التنبّه إلى وجود مشكلة وأهمّها عدم القدرة على التركيز، تراجع في العلامات المدرسية، العزلة، تساعد هذه المؤشرات على فهم ما يعيشه المراهق في هذه المرحلة.

نصائح وتوعية

وتشرح الاختصاصية في علم النفس عند الأطفال والمراهقين في جمعية "إمبريس" لارا جلول لـ"النهار" أنّ الشخص عندما يفكر في الانتحار يكون قد فَقَدَ أيّ ضوء أو أمل، ولم يعد لديه أيّ حافز أو دافع للمحاربة من أجله، وكأنّه في نفق مظلم لا ينتهي. كما يشعر الشخص بأنه عديم الجدوى أو عاجز عن بناء علاقات وعدم القدرة على البوح أو الحديث لأحد، بالإضافة إلى شعوره بألم داخلي كبير. ونتيجة ذلك، يبدأ رويداً رويداً بالانسحاب من الحياة الاجتماعية والدخول أكثر في عزلته الخاصة، وقد يتحجّج بالمرض للتغيّب عن المدرسة وعدم الخروج من المنزل".


وعن الأشخاص الأكثر عرضة لعوامل الخطر التي تؤثّر على سلوكهم وتفكيرهم الانتحاري، تشير جلول إلى أنّ "كلّ من لديه عوارض اكتئاب، الشخص المدمن، إن كان لدى الشخص تاريخ عائلي في الانتحار، الشخص الذي حاول الانتحار سابقاً (محاولة سابقة)، التعرّض لانتهاكات أو تحرّش جنسيّ أو لفظيّ أو جسديّ".

ولكن بالنظر إلى أرقام حالات الانتحار في صفوف المراهقين، نجد أنّ الرقم أقلّ بكثير عند المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 11 و14 مقارنة بمن هم أكبر. ومع ذلك، يُشكّل الانتحار السبب الثاني للوفاة عند المراهقين (الذين تراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً) في الولايات المتحدة، ولذلك يجب التيقّظ كثيراً والتوعية حول هذا الموضوع وعدم التشجيع عليه من دون قصد. كيف؟

توضح جلول أنّ "القاعدة الأساسية التي يجب عدم الوقوع فيها هي تجنّب مشاركة أيّ خبر أو فيديو حول وقوع أو تسجيل حالة انتحار أو مشاركة الرسالة أو الكلمات التي تركها الشخص قبل انتحاره على حسابنا في مواقع التواصل الاجتماعي، عدم المدح بما أقدم عليه الشخص ووصفه "بالبطل"، "لديه القوة للقيام بذلك"... وبالتالي عدم التشجيع على فكرة الانتحار، ولكن في المقابل من المهمّ جدّاً الحديث عن وجع العائلة التي خسرت ابنها أو ابنتها أو أحد أفراد العائلة نتيجة الانتحار.

وتكمن أهمية معرفة مشاعر العائلة وألمها، في أنّها تساعد في نقل الجانب الآخر وحالتهم الحزينة ومدى صعوبة ما تمرّ به عائلة الشخص المنتحر.

تشدّد جلول على أهمية تكثيف التوعية في المدارس، ويمكن الحديث عن كلّ ما يدور في بال المراهق من دون خوف أو خجل أو قلق، إذ يجد المراهقون صعوبة في الحديث إلى أهلهم عمّا يشعرون به أو يختبرونه، لذلك قد يكون خطّ الحياة وسيلة آمنة يمكن اللجوء إليها لتفريغ مشاعره ومساعدته على تخطّيها لأنّ "الحكي بيطوّل العمر".

أحياناً تسهم الأسباب البيولوجية أو وجود تاريخ عائلي نفسية في معاناة الشخص من الاكتئاب أو أيّ نوع آخر من هذه الاضطرابات.

وتشير الاختصاصية في علم نفس الأطفال والمراهقين إلى أنّ "الظروف المحيطة تؤثر كثيراً على تطلعات المراهقين الذين لا يجدون أفقاً أو ضوءاً. فهذه الفئة لا تملك بُعد النظرة أو القدرة على تخطّي هذه الصعوبات التي تكون أشبه بتجاربها الأولى مع الحياة، لذلك ننصح الأهل بالحديث عن الأمل والتركيز على ما يحبّه أولادهم ومساعدتهم على تحقيق ما يطمحون إليه حتى لو كانت خطوة بسيطة وصغيرة".

المصدر: النهار

https://www.annahar.com/arabic/section/77-%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/299727/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D8%AA%D9%89-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B4%D8%BA%D9%84-%D8%AA%D9%8A%D9%83-%D8%AA%D9%88%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%88%D9%84%D8%A7