كيف تتعامل مع الطفل شديد الحساسية؟ وهل يحتاج إلى "علاج" فعلا؟

خميس, 12/28/2023 - 12:22 -- siteadmin

لا يختلف أبوان على صعوبة التعامل مع طفل حساس، ناهيك عن أن الحساسية المفرطة تؤثر على الطفل نفسه بشكل سلبي وتجعله أكثر عرضة للإجهاد والقلق والانفعال والعصبية.

ولتجنب أي تبعات تربوية سلبية، ينصح الخبراء الآباء بضرورة التعرف على سمات الأطفال الحساسين، وفهم طريقة تفكيرهم، لتسهيل عملية التواصل معهم.

نصائح للتعامل مع الطفل الحساس

أخصائية العلاج والتحليل النفسي والسلوكي للأطفال والمراهقين لمياء جابر، تقدم خلال حديثها لـ"الجزيرة نت"، بعض النصائح للأبوين حول كيفية التعامل مع الطفل الحساس بذكاء، مشيرة إلى ضرورة تعليم الطفل كيفية تجاوز هذه الاضطرابات بنفسه:

منح الطفل مساحة خاصة: من الضروري منحه مساحة خاصة حتى يستطيع ترتيب أموره كما يحب، كما يمكن تخصيص مكان يشعره بالراحة يلجأ إليه لدى الغضب أو الإرهاق.

استيعاب الطفل: من الضروري تفهم واحتواء وإظهار التعاطف مع هذا الطفل، لإبعاد الجو المشحون عن المنزل.

روتين ثابت: الطفل الحساس يشعر غالبا بالأمان والاستقرار عندما يكون لديه جدول زمني متوقع وثابت. لذلك على الأهل تحديد جداول يومية ثابتة للوجبات ووقت اللعب ووقت النوم، إذ يمكن أن يسهم هذا الروتين في تقليل القلق وتوفير الشعور بالاستقرار للطفل الحساس.

تربية حيوان أليف: وجود حيوان أليف في المنزل يعطي للطفل الإحساس بالراحة والأمان.

نوع العقاب: محاولة تأديب الطفل بطريقة بعيدة عن القسوة والعنف والضرب والصراخ لأن نتائجها وخيمة وتزيد الأمور سوءا. فالطفل الحساس بحاجة إلى العاطفة والمزيد من الاهتمام، وقد يكون ذكيا نبيها ولا ينقصه شيء سوى أن يسيطر على أحاسيسه، فعلى الوالدين أن يعملا كفريق لتهيئة الجو المناسب للطفل، فهو بحاجة إلى العاطفة وتشجيعه على المبادرة.

الحزم الهادئ: الطفل الحساس بحاجة إلى انضباط وحزم، وذلك بالتعامل معه بنوع من التهذيب الجاد، لأنه يشعر أحيانا بعدم التحكم في مشاعره فهو بحاجة لإيقاظ إحساسه كي يتحكم بنفسه، ومن المهم أن يكون هذا الحزم بهدوء، دون انفعال وصراخ كي لا يزيد الأمر سوءا.

البقاء على تواصل مع الطفل: عندما ترى طفلك يبكي اسأله عن السبب من خلال طرح الأسئلة التي تساعده على الإجابة. فمثلًا، بعد أن يخبرك عن سبب بكائه، يمكنك أن تسأله عما يمكنك فعله لتجعله يشعر بالارتياح، وذلك من خلال تقديم الحلول له، مع مراعاة أنه في بعض الأحيان قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن يخبرك طفلك عن سبب انزعاجه.

تجنب محاولة تغييره: يجب على الآباء والأمهات تقبل طفلهم كما هو، وألا يكرروا عبارات مثل لا تبكي مرة أخرى، وأنت حساس للغاية.

مدح الطفل: يتمتع الطفل الحساس بالكثير من الصفات الجيدة، لذا عليك مدحه باستمرار، وبناء علاقة إيجابية مع ابنك، اجلس مع طفلك يوميا، حدثه ولاعبه وأعطه انتباهك كاملا عندما تكون معه، وإذا لعبت معه اجعله يتخذ القيادة، اشكره وأثن عليه دوما واجعل الثناء عشرة أضعاف النقد واللوم، لاحظ الأعمال الجميلة له أكثر من الأعمال الخاطئة.

"تحدي" الطفل الحساس على الآباء

من جانبها، قالت الدكتورة غادزيا غاغيلوفيتش لموقع "بيرنتس"، إن 20% من الأطفال الذين يولدون بجهاز عصبي واعٍ للغاية، وسريع الاستجابة، وقادر على الرد على كل متغير من حوله، وهذا ما يجعله سريع الفهم والإدراك لأي متغير طفيف يجري في بيئته المحيطة.

وتابعت، "هذا النوع من الأطفال يشكل تحديا للآباء، لكن يساعدهم فعليا في فهم كيفية ارتباط بعضهم ببعض".

وشددت غاغيلوفيتش على أن الطفل الحساس يمتلك قدرة أعلى على التركيز والإنصات، ويتمتع بذاكرة قوية ونشيطة، يتمتع بالسلام ولا يحب المشاكل.

ميزات الطفل الحساس

أما الطبيبة النفسية الكندية لورا غيرينبيرغ، فتعدد مجموعة من الإيجابيات لكون الطفل حساسا، فهو عبارة عن مزيج من عدة صفات منها التعاطف، والإبداع، والوعي.

وبحسب الطبيبة، فإن الطفل الحساس يفضّل العمل الفردي، "لهذا كثيرًا ما تراه يميل إلى الفن بكل أنواعه، فقد نراه تارة يرسم لوحة في الطبيعة، ويكون مستمتعًا بذلك العمل لأبعد الحدود، وتارةً أخرى نجده يعزف على آلة موسيقية ويذهب بخياله الواسع إلى عالمه، وقد يقوم بتأليف كلماته الخاصّة به".

كما يميل لأي نوع من الفنون التي تظهر مدى رقّته وحساسيته. فهو يرسم الطبيعة والورود والماء لأنها طبيعة لا تتغير، وقد يعزف مقطوعة قديمة ثابتة لم يتغيّر عليها شيء، فهنا يجد ثبات شخصيته في تلك الجوانب.

وتؤكد غيرينبيرغ على ضرورة تشجيع الطفل الحساس على تعلم مهاراتٍ جديدة "لكن بالتدريج وبرفقٍ شديد، فبدءًا من تعلم ركوب الدراجة وحتى السباحة أو الرياضات المختلفة، فهو سيتقبل الأمر إذا تم بالتدريج، وهذا سيقلّل من عصبيته ومشاعره المتدفّقة التي تكون عبارةً عن طاقةٍ زائدة ترغب في الخروج، لذا المهارات والرياضات المتنوعة ضرورية، لكن يجب أن تنبع الرغبة في ممارستها من داخله وليس بإجباره على تعلمها".

هل الطفل الحساس مبدع؟

يتطلب التعامل مع الطفل الحساس الكثير من الصبر والتفهم، وتوفير بيئة آمنة. ويعد تعليم مهارات الذكاء العاطفي للطفل الحساس خطوة أساسية لتشجيعه على التعبير عن الذات مع عواطفه بطريقة صحية.

تقول أخصائية التنمية الإبداعية مورين هيلي، إن الآباء غالبا ما يشعرون بالإحباط من التعامل مع أطفالهم الحساسين أو الشعور بالخجل في المواقف الاجتماعية، "لكن عليك أن تنظر لجوهر الأمر، وتفرح لرؤية طفلك يتمتع بشخصية مميزة".

وتعتبر الحساسية عاملا مشتركا لدى الكثير من المبدعين والمبتكرين وللأطفال الموهوبين في مختلف الأشياء، كما أن أعظم المفكرين مثل: كارل يونغ، وجوزيف كامبل، وأبراهام لنكولن، كانوا يعانون من الحساسية المفرطة في طفولتهم.

وبحسب هيلي، فإن قبول طفلك الحساس واحتضانه أمر مهم للغاية، "فالكثير من الآباء يرغبون في عرض أولادهم على الأطباء لمعالجتهم، ذلك لعدم قدرتهم على تقبل الأمر والتماشي معه، لكن على الآباء تقبل الأمر كميزة للطفل، وعلى أنه جزء من تجربة حياتية للوالدين والطفل يجب خوضها".

المصدر الجزيرة

https://www.aljazeera.net/women/2023/12/27/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%B3