الأصول القانونية لوسائل نقل تلامذة المدارس: سلامة الـ«أوتوكار» أوّلاً

بعد أقل من شهر تفتح المدارس أبوابها، وسيواجه الأهل مشكلة تتعلق بنقل أولادهم من المدارس وإليها، إذ باتَ يُخشى من الإهمال في النقل بعد الأزمة الاقتصادية والمالية التي أصابت كل القطاعات، وتخفيف المدارس أو الأفراد النفقات على صيانة وسيلة النقل أو على الإشراف على الباص. وقد تلجأ المدارس أو أصحاب الباصات، بداعي التوفير، إلى حشوها بالطلاب خلافاً للأصول، ما يقضي بضرورة مراعاة الأصول القانونية لوسائل النقل المعدّة لنقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة من قبل مالكي الباصات، مع متابعة وزارة التربية للتذكير بها والتأكد من تطبيقها. علماً أن أهم ما ينص عليه القانون هو وجود مراقب مع التلامذة تحت طائلة غرامة تُراوح قيمتها بين قيمة الحد الأدنى الرسمي للأجور وضعفيها، أي بين 9 ملايين و18 مليون ليرة، فهل ذلك رادع كاف؟

ما هو عدد التلامذة المسموح نقله في الباص؟
يحدد عدد التلامذة وفق رخصة المركبة الآلية الصادرة عن هيئة إدارة السير والآليات والمركبات تبعاً لمواصفات المصنّع، ويمنع منعاً باتاً زيادة العدد أو وضع كراس إضافية في وسيلة النقل. كما يقتضي أن يبقى الممر الوسطي مفتوحاً لدخول التلامذة وخروجهم من دون أي عائق.

هل وجود مراقب في الباص إلزامي؟
فرض القانون اللبناني وجود مراقب في كل وسيلة نقل مكلّف من قبل إدارة المدرسة في الحالة التي تملك فيها المدرسة هذه الوسيلة، أو من قبل مالك وسيلة النقل في الحالات الأخرى، ويمنع منعاً باتاً نقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة في كل مراحل التعليم قبل الجامعي من البيت إلى المدرسة وبالعكس أو إلى أي مكان آخر بمختلف وسائل النقل المعدة من قبل المدرسة لهذا الغرض، من دون وجود هذا المراقب المسؤول، وهو نص صريح أوردته المادة الأولى من القانون 551/1996 المتعلق بـ«وسائل النقل المعدّة لنقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة». أما في حال غياب المراقب، فيقتضي تكليف بديل عنه يتولى المهام المطلوبة.

ما هي الشروط التي يقتضي توفرها في المراقب؟
لم يحدّد القانون 551/1996 ولا المرسوم التطبيقي، الشروط التفصيلية التي يقتضي توافرها في مراقب وسيلة النقل سوى:

. أن يكون المراقب من ذوي السيرة الحسنة.

. أن يتجاوز عمره 21 سنة.

.إلمام المراقب باستعمال مطفأة الحريق وعلبة الإسعافات الأولية.

. أن يكون ملمّاً بالقراءة والكتابة كون أحد مهامه تسجيل عناوين سكن الطلاب.

ما هي مهام مراقب وسيلة النقل؟
حدّدت مهام المراقب في وسائل النقل المعدة لنقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة وعدد التلامذة بموجب المرسوم التطبيقي للقانون، أي المرسوم الرقم 4018 تاريخ 12/5/2010، كالآتي:
 
الوجود في الحافلة قبل دخول التلاميذ وعدم مغادرتها حتى نزول آخر طالب.
المشاركة بوضع خريطة الرحلة بالتعاون مع سائق الحافلة.
 
تنظيم لائحة بأسماء الطلاب المسجلين أو المنتسبين في الحافلة مع عناوينهم، وأرقام الهاتف.
منع التحدث مع سائق الحافلة إلا عند الضرورة.
الاتصال بمسؤول النقل في المدرسة بحال وقوع أي حادث.
تسليم تلاميذ الروضات وتلامذة الحلقة الأولى إلى أهاليهم أو من ينوب عنهم.
ضبط النظام في الحافلة خاصة عند وقوع حوادث أو عطل وعدم السماح بخروج التلامذة منها إلا في حالات الخطر وتحت إشرافه.

من المسؤول جزائياً ومدنياً عن سلامة الطلاب؟
يتحمّل السائق ومالك وسيلة النقل وإدارة المدرسة، في حال كانت تملك وسيلة النقل أو تستأجرها، بالتكافل والتضامن بينهم وفق القوانين اللبنانية، المسؤولية المدنية عن كل ضرر يلحق بالتلامذة أثناء عملية النقل، ويكون السائق والمراقب مسؤولين جزائياً عن أي إهمال في موجباتهما.

تجدر الإشارة إلى أن القانون الرقم 551/96 ربط المسؤولية بالسائق والمالك ولم يربطها بالحارس كما نصّت المادة 131 من قانون الموجبات والعقود، إذ حمّل المسؤولية لكل من سائق وسيلة النقل ومالكها وإدارة المدرسة إذا كانت تملك هذه الوسيلة (المادة 3)، ما يعني أنه رتّب مسؤولية حكمية على وجه التكافل والتضامن لمجرد توفر الشروط المنصوص عليها.

هل يمكن توقيع عقد تأمين لوسيلة النّقل؟
فرض القانون على مالك وسيلة النقل أو مستأجرها إجراء عقد تأمين لوسيلة النقل المستخدمة لنقل التلامذة، على أن يغطي التأمين جميع الأضرار التي قد تنتج من حوادث السير وخلافها أثناء النقل.

ماذا لو لم تعيّن المدرسة أو مالك الباص مراقباً؟
في حال إهمال تعيين مراقب في كل وسيلة نقل من قبل الجهة المعنية بذلك، يحكم عليها بغرامة تُراوح بين قيمة الحد الأدنى الرسمي للأجور وضعفيها، وذلك بالاستناد إلى محضر ضبط منظّم من قبل القوى المولجة بتطبيق قوانين السير، وتُراوح الغرامة حالياً بين 9 ملايين و18 مليوناً.
في هذه الحالة، وضع القانون مسؤولية إثبات عدم تعيين مراقب في وسيلة النقل على عاتق قوى الأمن الداخلي، ما يعني أنه يتوجب على قوى الأمن التأكد من وجود مراقب في كل باص ينقل طلاب المدارس، فهل سيقومون بذلك؟

هل هناك شروط إضافية في قوانين أخرى تتعلق بالباصات؟
كان قانون السير الجديد واضحاً في أنه يُحظّر على سائقي الباصات التلهي بالحديث مع أي كان أو الأكل أو التدخين خلال نقلهم للركاب. وبالإضافة إلى الشروط العامة، يجب أن تتوفر في الباصات الشروط الآتية:
أ- أن يكون لكل باص بابان على الأقل من جهة اليمين، على أن تبقى الباصات المُسجلة حالياً خلافاً لهذا النص في السير طالما هي صالحة لذلك وعلى اسم صاحبها، وفقاً للقوانين المرعية الإجراء.
‌ب- أن يكون لكل باص عدد كافٍ من النوافذ والسلالم سهلة الاستعمال وغير بارزة عن هيكل الباص، ويجوز أن تزوّد النوافذ بستائر.
‌ج- أن تكون المقاعد مثبّتة بأرضية الباص بقوائم وبطريقة محكمة.
‌د- لا يجوز إحداث أي تغيير أو تعديل في جسم السيارة أو جهاز القيادة أو المقاعد بشكل مخالف لمواصفات الشركة المصنّعة.
‌ه- أن توضع إشارات وإرشادات واضحة داخل الباصات تطلب من جميع الركاب عدم التحدث مع السائق خلال قيادته للمركبة حرصاً على تركيزه على مهمة القيادة.
‌و- أن تزوّد هذه الباصات بإنارة كافية من الداخل.
ز- أن يزود كلّ باص بأجهزة إطفاء كافية لا تقل عن جهازين وتكون صالحة دائماً للاستعمال على أن تكون إحداها في متناول السائق. ‌ح- أن يكون لكلّ باص صندوق يحتوي على المواد اللازمة للإسعافات الأولية. ‌
ط- أن يثبّت الملصق التعريفي على السيارة وفق قرار صادر عن وزيري الأشغال العامة والنقل والداخلية والبلديات بهذا الشأن.

من المسؤول عن الحادث؟
قبل عام 2003 تعرضت طالبة لبنانية في إحدى مدارس الشمال لحادث أثناء نقلها في باص المدرسة أدى إلى بتر ساقها، فأصدرت محكمة الاستئناف المدنية في لبنان الشمالي حكمها بتاريخ 2/6/2005 الذي استند إلى القانون الرقم 551/96 المتعلق بوسائل النقل المعدّة لنقل تلامذة المدارس الرسمية والخاصة، وعدّ القرار المطعون فيه المدرسة مسؤولة عن الحادث بالتكافل والتضامن مع السائق كون الحافلة مسجلة على اسم (المدرسة)، وقضى بإلزام المدرسة بدفع تعويض للمتضررين (الطالبة ووالديها) بمبلغ 395 مليون ليرة. وفي عام 2006 أصدرت محكمة التمييز المدنية الحكم الرقم: 117، تاريخ: 29/11/2006 الذي قضى بتصديق حكم محكمة الاستئناف.

دكّاش: حذار الـ"توك توك"

يتحدث رئيس جمعية «لاسا»، اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية (LASSA)، جو دكاش لـ«القوس» عن عدم وجود أرقام رسمية في الوقت الحالي لعدد الحوادث والضحايا المتعلقة بـ«باص المدرسة». ويعود ذلك إلى لجوء العديد من التلاميذ لاستخدام وسائل نقل بديلة عن الحافلات التابعة للمدارس بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع تعرفة النقل (راجع «القوس»، 6 آب 2022، «حرية التنقل... على دولابين»). لكن، يُقدّر العدد الإجمالي للضحايا في عام 2022 بحوالي 150 ضحية (بين قتيل وجريح). كما سقط العشرات من التلاميذ، خلال الشهرين الأخيرين من العام الدراسي الماضي (2022 - 2023)، ضحايا لحوادث الحافلات المدرسية ليصل العدد إلى حوالي 100 ضحية (بين قتيل وجريح)، وتعود هذه الأرقام لرصد تجريه «لاسا» بالتعاون مع «يازا».
شدد دكاش على خطورة بدائل حافلات المدارس، التي ترتكز على الـ{توك توك} و«الموتوسيكل» و«الفان» غير المخصص لنقل الطلاب، والسير على الأقدام. داعياً لإيجاد حلول جذرية ولملاحقة كل من يقلّ أطفالاً على متن تلك البدائل. كما يقترح دكاش على البلديات التعاون لتأمين وسائل نقل آمنة ومجهزة لطلاب المدارس. ونبّه من خطورة سير الطلاب على الأقدام خلال توجههم من وإلى مدارسهم لعدم وجود أرصفة ملائمة وآمنة يسلكونها.

بقلم صادق علويّة

المصدر: الاخبار

https://al-akhbar.com/Lebanon/369786