تعيش في مجتمع متنوع الأعراق والأفكار، تجاربُ عدّة تختلط بها لتعلمك القوة والصبر والاستمرار. ولكن المختلف في هذه القصص، أنّ لكل واحدةٍ صعوباتها وتحدياتها، تسيطر على حياتك نفسياً وجسدياً، فكيف إذا كان مرضاً نادراً؟ القوةُ وحدها لا تكفي لتخطّيه بل تحتاج إلى تعاون من أجل التفكير بطرق للعيش مع المرض أو تقبّل إصابة أحد أفراد عائلتك بحالة صحية نادرة.
في اليوم العالمي للأمراض النادرة، إليكم واحدة من القصص الموجودة في هذا العالم، ومرضاً من بين سبعة آلاف مرض نادر، وما يرافقهما من أهمية الدعم النفسي لمواجهته وتقبّله.
قصة ابني دمّرتني
"كان ذلك كما لو أصبت في تسونامي"، بهذه الجملة تتذكر بياتريس مونتليو، وهي سيدة فرنسية وأمّ لثلاثة أطفال، اليوم الذي علمت فيه أن ابنها البالغ من العمر 4 سنوات مصاب بالحثل العضلي الدوشيني أو ما يعرف بـ "Duchenne muscular dystrophy"، وهو مرض عصبي عضلي يتميز بضعف وضمور عضلي يترقيان بسرعة. يصيب المرض بصورة رئيسية الذكور. تبدأ أعراض هذا المرض في الطفولة إلا أنّها لا تظهر حتى مرحلة البلوغ، وبحسب ما ذكرت منظمة الصحة العالمية، يموت المصابون بالمرض في بداية الكهولة عادة، بسبب اعتلال العضل القلبي، وهو تأثير المرض على عضل القلب، والفشل التنفسي.
وفي ما يتعلق بالعلاج، يخضع المصاب إلى المعالجة بالستيروئيدات، ولكن لا يوجد أي شفاء. "كنت في صدمة لفترة من الوقت، وكان ذلك مدّمراً"، تقول دي مونتيليو. هذه القصة التي ذكرتها منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي للأمراض النادرة، تعدّ واحدةً من القصص الموجودة في مجتمعنا، حيث تغيّر حياة أكثر من 300 مليون شخص في العالم نتيجة سبعة آلاف نوع من الأمراض والاضطرابات النادرة.
وفي الوقت الذي يعيش أهالي المريض والمصاب بصدمة، تجعلهم ينعزلون عن المجتمع ويعيشون في دائرة من الحزن والمخاوف كأن حياة المصاب انتهت، تشدد المنظمة ضرورة الانخراط والحديث مع مصابين يعانون مثلهم من أمراض نادرة، يخفف عنهم وطأة الألم ويدفعهم إلى العيش والتأقلم في الحياة.
كيف أتخطى هذا الشعور؟
وبالرغم من اختلاف حدّة هذه الأمراض النادرة وتأثيراتها على حياة المصاب اليومية، غير أنّها قد تؤثر على نفسية المريض ومحيطه، خاصةً إذا لعب المجتمع دوراً عكسياً بتهميش هذه الحالات. برأي الاختصاصية النفسية وردة بوضاهر، أنّ التعايش مع أي مرض أمر يتطلب تفسيراً واضحاً للمصاب لوضعه من أجل تقبّل وضعه الصحي دون قيامه بردود فعل عكسية.
وبالرغم من أنّ كل فرد يعبّر بمشاعر ينفرد فيها عن الآخرين، يُجمع المختصون أنّ أبرز الآثار النفسية التي قد ترافق المصابين بالأمراض النادرة هي: القلق، الإجهاد، المزاجية، الإرهاق العاطفي والأفكار الانتحارية. أما بالنسبة للتحديات التي تؤثر عليه، تبرز في ثلاثة شروط، أبرزها:
أولاً- زيارات متكررة للأطباء والقيام بالفحوصات، ما يترتب على الطبيب شرح الأسباب للمريض وخاصةً إذا كان طفلاً أو طفلة قد تساعد في تقبل هذه الصعوبة.
ثانياً- التأخر في التشخيص الذي يعدّ ضرورياً للتنبؤ بالأعراض والعلاجات الممكنة. كما أنه يخفف من توتر المريض.
ثالثاً- رفض جميع الكيانات الطبية، وبالتالي رفض دعم الصحة النفسية التي تساعد على تخطي بعض الأعراض الجسدية.
كيف أخبر المصاب بمرضه؟
من الصعب شرح التشخيص للمريض، تحديداً إذا كان طفلاً، لذا، قدّمت بوضاهر مجموعة طرق تساعد في تفسير المرض والأعراض التي قد يشعر بها المريض، وهي من خلال كتابٍ، أو منشوراتٍ أو أفلام مصورة. بالإضافة إلى أنّ الأفراد في المجتمع يتمايزون عن بعضهم أكان من خلال شكلهم أو شخصيتهم، ما يتطلب من المشرفين على حالة المصاب البحث عن قدوة لديها هذا المرض النادر، والتأكيد عبر قصتها "أنّ مرضها لم يمنعها من النجاح في الحياة" بغية التخفيف من آثار حالتهم على نفسيتهم. فالقاعدة الرئيسية التي شددت عليها الاختصاصية النفسية، هي: "عندما يتقبّلون اختلافهم، سيكونون قادرين على مواجهة العالم بأكمله".
إلى جانب هذه السبل للتعاطي مع المريض، يجب التأكد من عدم استخدام الرعاية الطبية كعقوبة من خلال تجنّب تهديد الولد بإرساله عند الطبيب إذا لم ينجز ما طلبناه منه. كما تدريب الأطفال على مواجهة صعوباتهم بمفردهم من خلال إخبارهم عن كيفية التعامل مع كل موقف قد يتعرضون له، لأننا لن نكون معهم طوال الوقت.
أيها الأهل... اتّبعوا هذه الإرشادات!
تقع على الأهل المسؤولية الرئيسية في دعم طفلهم للتأقلم مع حالته الصحية، لكنّ في الوقت نفسه، يحتاجون إلى مساعدة لتقبّل هذا الواقع كي يلعبوا دوراً إيجابياً في حياة ابنهم، ووفق وردة بوضاهر:
أولاً- لديك مشاعر! لا تستخفَّ بها. أنت إنسان قبل أن تكون والد/ة. تبنَّ مشاعرك وادعم نفسك لتتمكن من دعم طفلك. إفعل ما تحب. إمضِ مع أصدقائك. إعط وقتًا لعلاقتك.
ثانياً- إنضم إلى فرق دعم تجمع أشخاصاً يعيشون ما يشابه حالتك. معرفتك بأنك لست وحيداً سيخفف الضغط عليك. تقاسم الكفاح والتفكير سيريحك أكثر وسيشعرك بالتحسن. يمكنك الحصول على معلومات كثيرة تتعلق بهذا الموضوع عبر وسائل التواصل والإنترنت.
ثالثاً- تحدث مع طفلك. دع طفلك يعبّر عن مشاعره وأفكاره. ستلاحظ أنه لديكما أشياء مشتركة.
رابعاً- لا تترك المرض ركيزة أساسية في حياتك. لا تجعله يصبح مركز الاهتمام الأول بل اتركه مجرد جزء من حياتك.
أخيراً- عندما تشعر بالحاجة إلى استشارة معالج نفسي، لا تتردد! فليكن دعمًا لك ولطفلك.
بقلم نور مخدّر
المصدر: النهار
https://www.annahar.com/article/1129913-