
تتزايد أعداد الأطفال المنتحرين في شرق ليبيا، في حين ليست هناك أسباب واضحة وراء ذلك القتل المسكوت عنه بالبلاد التي تعاني حرباً قاتلة، وقبالة سواحلها يغرق مئات المهاجرين القاصدين أوروبا.
ويلف صمت حكومي ورسمي تنامي ظاهرة الأطفال المنتحرين المتزايدة شرق البلاد وسط تداول واسع للأنباء في وسائل إعلام محلية، تتحدث عن ما لا يقل عن 10 أطفال انتحروا لأسباب مجهولة.
وفي البيضاء شرق البلاد مقر الحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب استقبل مستشفى المدينة أواخر شهر آذار الماضي والشهر الجاري عشر حالات انتحار بينهم ثمانية أطفال توفوا فيما نجا اثنان فقط.
من جهته، أكد مصدر طبي من المستشفى لــ"العربية.نت" أن المنتحرين لأسباب مجهولة هم أطفال تتراوح أعمارهم بين العاشرة والثامنة عشرة، أنقذ ذوو اثنين منهم حياتهما، بقطع حبل لفاه حول عنقيهما وتم نقلهما إلى المستشفى في حالة إغماء كامل.
أم إيمان قالت إنها دخلت إلى غرفة ابنتها ذات 14 عاماً، بعد أن شعرت بتأخرها عن موعد استيقاظها المعلوم كل يوم، لتجدها معلقة بحبل ملفوف حول رقبتها وتمكنت من قطعه بسرعة قبل أن تلفظ أنفاسها.
وقالت في حديث لــ"العربية.نت" إن "ابنتي كانت تعيش حياة طبيعية كبنات جيلها ولم تتعرف على أصدقاء سوء ولم تمر بأزمات نفسية أو أسرية". وأضافت "حتى الآن الطبيب لا ينصحنا بالحديث معها حول الحادث حتى تخرج من المستشفى الذي تتعالج فيه جراء مضاعفات في الرقبة ناتجة عن سقوطها من طاولة عالية وحول رقبتها الحبل".
وتعيش المدينة حالة رعب حقيقية حيث تنتشر شائعات بين الأهالي بعلاقة الحوادث المتكررة بــ"السحر والشعوذة"، بينما يتحدث آخرون أن الحوادث ناتجة عن الإدمان على "ألعاب" تنشر ثقافة الانتحار.
لكن عبدالمنعم الإمام، وهو أخصائي نفساني، اعتبر أن تلك تفاسير غير مقبولة للحوادث، قائلاً إن "من بين المنتحرين سيدة يتجاوز عمرها الأربعين عاماً، فلا يمكن أن تؤثر بها ألعاب أو برامج قد تقود مستخدمها إلى الانتحار"، مرجعاً الظاهرة إلى ضغوط الحياة والمعيشة التي يواجهها شباب وأطفال اليوم مقرونة بمشاكل أسرية وتهجير وظروف الحروب"، لافتاً إلى أن "أصنافاً من المخدرات رصد وجودها بليبيا تقود هي الأخرى إلى الانتحار، ربما قد تكون سبباً أدى إلى هذه الظاهرة، لاسيما أن أغلب المنتحرين في سن التعاطي".
وتحت الضغوط، فتحت مديرية أمن البيضاء تحقيقاً في الموضوع، إلا أن أم إيمان تؤكد أن الحكومة والجهات الأمنية منصرفة عن شأن المواطن ولا توليه اهتماماً كبيراً.
ويعتبر الأخصائي الإمام في حديث لــ"العربية.نت" أن تكرار الحادثة في زمن متقارب هو ما لفت الأنظار إلى الظاهرة، مؤكداً أن ظاهرة الانتحار أمر شائع في ليبيا حتى أن تصنيفات عالمية وضعت ليبيا السادسة عربياً في سلم حوادث الانتحار، لكنه لفت في حديثه إلى أن "انحصار حدوثها في فئة عمرية محددة من العاشرة إلى الثامنة عشرة أمر مريب"، يستوجب تكثيف الجهود من أجل الكشف عن الأسباب الحقيقية.
المصدر: العربية