أثر العنف الدائر في اليمن بشكل كبير على حياة الأطفال. ففي المدارس يتعلم الأطفال كيفية استخدام المسرح، والرياضة ومهارات دعم الأقران للتعامل مع الحرب والعنف اللذان يحيطان بهما.
تصرخ بنت صغيرة قائلة: "بوم، بوم!" ثم تقفز هي وأربعة أطفال آخرين إلى الأرض في نفس الوقت. وبعد بضعة دقائق تبدأ طفلة بالصراخ، ينتصب الأطفال الآخرون واقفين بسرعة ويبدأون بالتهدئة من روعها، وتخاطبها إحدى زميلاتها قائلة: "أنت بخير، لم تصابي بأذى".
كان الوقت صباحا في العاصمة اليمنية صنعاء، عندما وصلنا أنا وزملائي في الوقت المناسب للانضمام للطلاب في الطابور الصباحي في مدرسة الفضيلة الأساسية، حيث مثلت الطالبات مشهدا من واقعهن المعاصر. وفيما يشعر الطلاب بالحماس اتجاه المسرح هنا، إلا أن الوضع الحقيقي في البلاد خطر للغاية، خاصة بالنسبة للأطفال.
يصيح الأطفال بصوت واحد خلال الطابور الصباحي في مدرسة الفضيلة الأساسية في صنعاء. يتعلم الأطفال من خلال تمثيل المشاهد كيفية التعامل مع العنف المستمر والنزاع في اليمن.
يقول محمد الفضيلي، مدير التعليم العام في صنعاء: "هذا جزء من قدرة الأطفال على التحمل. تراهم يضحكون ويصفقون وهم يتفرجون على العرض المسرحي. فالنشاطات والألعاب الرياضية تساعدهم على نسيان الحرب والتركيز على التعلم ولو مؤقتا".
في طريقنا إلى مكتب المدير، ربت السيد الفضيلي على كتفي، والتفت إلى الخلف حيث أشار، إلى الجانب الأيمن لأرى الزجاج المهشم متناثرا على الأرض.
يقول: "كان الزجاج يملأ المكان عندما زرت المدرسة في شهر تشرين الثاني لأقيم الأضرار".
إصلاح الأضرار
شهد اليمن خلال السنة الأخيرة قصفا مكثفا واقتتالا على الأرض. حيث تعرضت البنى التحتية المدنية، بما فيها المدارس للهجوم، كما سقط العديد من الأطفال جرحى وقتلى وهم في طريقهم إلى المدرسة.
أجبر النزاع المتصاعد حوالي 3,600 مدرسة على إغلاق أبوابها وعطل تعليم 1,8 مليون طفل. وبالرغم من بعض التحسن، إلا أن أكثر من 1,600 مدرسة لا زالت مغلقة بسبب الضرر الذي لحق بها أو انعدام الأمن، وبالتالي لا يستطيع حوالي 387,000 طفل مواصلة تعليمهم.
وكحال أكثر من 1,000 مدرسة في البلاد، أصيبت مدرسة الفضيلة بعدة أضرار، وإن لم تكن مباشرة. يقول السكان أن القصف المكثف على التلة المجاورة تسبب في اهتزازات حطمت زجاج النوافذ. تمكنت المدرسة، بدعم من اليونيسف، من استبدال وتنظيف الزجاج المكسور، ليتمكن الطلاب من مواصلة التعلم.
يلعب الأطفال كرة اليد خلال حصة الرياضة. يمكن للنشاطات كالمسرح والتربية الرياضية أن تساعدهم في نسيان الحرب والتركيز على التعلم، حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت.
تدعم اليونيسف أيضا إعادة تأهيل مدارس أخرى في البلاد، وتوفير التدريب للمعلمين والطلاب لمساعدة الأطفال على التعامل مع العنف. كما يتدرب المعلمون على أن يكونوا أكثر وعيا بمشاعر الأطفال في حين يتعلم الطلاب مهارات دعم الأقران، مثل تمثيل المشاهد، كالمشهد الذي شاهدناه اليوم في الطابور الصباحي، والذي رسم الابتسامة على وجوهم.
أحلام تواجه اليأس
توجه الطلاب إلى صفوفهم بعد طابور الصبح، ولاحقا في حصة الرياضة بدأوا بممارسة الألعاب وعدد من النشاطات الجسدية الأخرى، بما فيها كرة اليد، والطارة، حبل القفز. يبدو الوضع طبيعيا، ولكن الواقع بعيد كل المدى عن ذلك.
تقول غدير، وهي طفلة في الثالثة عشر من عمرها تدرس في الصف التاسع: "أجد صعوبة في التركيز في الصف عندما أسمع صوت القنابل والرصاص في الخارج".
وتتساءل قائلة: "أحيانا تسمع صوت انفجار خلال الدرس "بوم" فماذا تتوقع؟" وتضيف: "بعض الطلاب يبدأون بالصراخ، وآخرون يركضون هاربين من الصف."
ترغب غدير في أن تصبح طبيبة، وبالرغم من أن هذا النزاع يشكل خطرا على تعليمها، إلا أنها تقول أن تحقيق حلمها الطموح أصبح أمرا أكثر إلحاحا من أي وقت آخر.
حيث تقول: "أريد أن أعالج الجميع، سواء كانوا جرحى أم مرضى. جميع الأطفال الموجودين هنا في المدرسة لديهم خطة للمستقبل، ولذلك نستمر في المجيء إلى هنا".
وتضيف: "بالرغم من اليأس لم يتبدد أملنا في مستقبل أفضل".
المصدر: اليونيسيف