
نبهت منظمة التغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة إلى أن أطفالا سوريين في لبنان، لا تتجاوز سنهم العاشرة، يتم تشغيلهم في أعمال تقصم ظهورهم بصعوبتها، من قبيل رفع أحمال ثقيلة تشكل خطرا على أجسادهم الصغيرة، ونثر مبيدات نباتية وجمع محصول البطاطس في حقول بيوت زجاجية ترتفع داخلها درجات الحرارة إلى مستويات غير مقبولة.
ودعت المنظمة صناع القرار ووكالات الإغاثة الدولية إلى بذل جهود أكبر للحيلولة دون تفشي هذه الظاهرة على نحو يستحيل معه احتواؤها. وطبقا لإحصائيات دولية، كشف النقاب عنها، فإن الكوارث والحروب تضيف 100 مليون طفل سنويا إلى عداد عمالة القاصرين.
وقالت أريان غينثون خبيرة منظمة التغذية والزراعة في مجال عمالة الأطفال في تصريحات لوكالة رويترز، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، "إننا بصدد مساعدة وكالات الإغاثة العاملة في مجال الأمن الغذائي والتغذية لتصبح أكثر وعيا وإدراكا بعمالة الأطفال وأن تحاول رصد الظاهرة أينما وجدت."
وقد أدت الصراعات والكوارث، التي تدمر بعض دول الشرق الأوسط منذ سنوات، إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين اضطروا الى العمل في وظائف تشكل خطرا على نموهم البدني والذهني وتحرمهم من التمدرس. ويبلغ عدد الأطفال المنخرطين في أعمال يدوية عبر العالم 168 مليونا بينهم 98 مليون يعملون في قطاع الزراعة. وقد أثبتت دراسات دولية أن المراهقين الذين يشتغلون في قطاع الزراعة معرضون للإصابة بجراح، بل حتى الموت بنسب أكبر من البالغين.
وعلاوة على كون الحروب والصراعات والكوارث عاملا ساهم في تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال فإن الفقر وانعدام الحكامة والعدالة الاجتماعية والدعم الحكومي للفئات الاجتماعية الفقيرة وفساد الإدارة وضعف وهشاشة الهياكل البنيوية لعدد من الدول العربية، كلها عوامل شكلت أسبابا رئيسية في انتشار عمالة الأطفال.
ففي شوارع العديد من مدن وعواصم العالم العربي تصادف أطفالا دفعهم الفقر والفاقة وربما اليتم إلى العمل يوميا في ورشات للحدادة أو حقول زراعية، وكثيرا ما تراهم عند الإشارات الضوئية في الشوارع يحاولون بيع مناشف ورقية لسائقي السيارات.
ومن الصعب تحديد عدد الأطفال الذين يرغمون يوميا على العمل. ففي تونس مثلا لا تشمل الإحصائيات المتاحة حول عمالة الأطفال سوى فئة الخادمات في المنازل. وأفادت دراسة أجرتها جمعية النساء التونسيات من أجل التنمية في سنة 2016، بأن عدد الخادمات في المنازل بلغ 78 الفا بينهن 20 ألفا من القاصرات.
ويجري هذا على مرأى ومسمع من الحكومة التونسية التي تسمح قوانينها بتشغيل الأطفال دون السادسة عشرة بشروط بل إنها القوانين نفسها خفضت سنّ قبول الأطفال في العمل إلى ثلاثة عشر عاما في الأشغال الفلاحية الخفيفة شريطة ألا تضرّ بصحّتهم ونموّهم ولا تمسّ بمواظبتهم وقدراتهم على الدراسة. لكن لا صاحب العمل ولا طالب العمل يلتفت الى الشروط.
المصدر: بي سي سي
http://www.bbc.com/arabic/interactivity-40267858