لم تكد أصوات القذائف تهدأ على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حتى نام الغزيون على خبر وفاة ثلاثة أطفال حرقاً في مخيم الشاطئ للاجئين. وكأنه لا يكفي العائلة فقدان أطفالها حتى إستغلّت الفصائل الفلسطينية المعاناة لتقاذف التهم عن المسؤول عمّا جرى للعائلة.
تتكفّل الجدران السوداء في البيت الذي تسكنه عائلة أبو الهندي في مخيم الشاطىء، غرب غزة، برواية المأساة التي جرت بين جدران البيت.
العائلة فقدت ثلاثة أطفال ماتوا حرقاً. ومع مرور الوقت بدأت تتكشّف تفاصيل الفقر، والنوم من دون طعام، ووالدين شاهدا أطفالهما الثلاثة يحترقون أمام أعينهم. هذه ليست الحالة الأولى في غزة، فمنذ عام ٢٠١٠ قضى ٢٤ طفلاً إحتراقاً، بسبب شمعة وضعوها للدراسة على ضوئها أو لإنارة غرفتهم خلال ساعات إنقطاع الكهرباء الطويلة.
في المنزل المحروق، تشير الأم المفجوعة نداء أبو الهندي بينما الدموع تنهمر على خديها، إلى مكان جلوس ناصر ورهف ويسرى في إنتظار عشاءهم الأخير. “لم أغب عنهم خلال إعداد الطعام، كنت أبحث في العتمة، عما أُعدّه لهم”، تقول.
تغيب الأم عن الوعي. تركض إليها شقيقتها أم أدهم وتوقظها. بعد الإطمئنان عليها تكمل الخالة: “غلت نداء الماء لتجهيز الحليب لناصر الرضيع، ثم ذهبت لتتفقد طفليها، لكنهما ناما قبل تجهيز العشاء. تأكدَت من بُعد الشمعة المضاءة عن أي شيء قابل للاشتعال، ثم جلست لتستريح على باب البيت الذي تسكن فيه هرباً من الحرارة المرتفعة”.
وما هي إلا لحظات، حتى رأت ألسنة اللهب تنعكس على جدران البيت. ركضت الى غرفة أولادها، شاهدت النيران تأكل فراش الأطفال الثلاثة. تصمت أم أدهم ثم تقول: “حرقت النيران كل شيء... لن يعيدهم إلى حضني شيء”.
تنهض الوالدة وتمشي على رماد غرفة أطفالها لم يبقَ منها شيء سوى أنصاف الأشياء. نصف لعبة محترقة ونصف صورة. إستشهاد أطفال عائلة أبو الهندي ليس الأول من نوعه في غزة. فمنذ٢٠١٠، توفي ٢٤ طفلاً حرقاً لكن من بين تلك الوفيات بدا الحضور الكثيف لقادة الفصائل الفلسطينية خلال تشييع أطفال أبو الهندي، واستغلالهم الحادثة للتراشق السياسي.
المصدر: الاخبار