قالت هيومن رايتس ووتش في التقرير العالمي لعام 2016 إن قوات عسكرية سودانية وميليشيات استخدمت الاغتصاب كسلاح حرب في دارفور ونزاعات أخرى. إذ يتضح من أنماط الاغتصاب في دارفور خلال عامي 2014 و2015 أن عدة وحدات سودانية ارتكبت عمداً عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضد أعداد كبيرة من النساء خلال هجمات متعددة في مختلف المواقع والأوقات. ولكن لم يحدث أن خضع أي شخص للمساءلة عن هذه الجرائم.
وقال دانيال بيكيلي، مدير قسم أفريقيا: "القوات السودانية اغتصبت وروّعت المدنيين بشكل متكرر بدون عقاب. نمط وحجم وتواتر الاغتصاب يشير إلى أن قوات الأمن السودانية اعتمدت هذه الممارسة الوحشية كسلاح حرب".
وتستعرض هيومن رايتس ووتش في التقرير العالمي الصادر في 659 صفحة، في طبعته الـ26، ممارسات حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة. وقال مديرها التنفيذي، كينيث روث، في المقال الافتتاحي إن انتشار الهجمات الإرهابية إلى خارج نطاق منطقة الشرق الأوسط وتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة بسبب القمع والنزاعات تسببا في اتجاه عدد كبير من الحكومات إلى التقليل من الحقوق في مساع خاطئة تهدف إلى حماية أمنها. وفي الوقت نفسه، شنت حكومات استبدادية في شتى أنحاء العالم حملات مشددة على جماعات مستقلة بسبب خوف هذه الحكومات من المعارضة السلمية، التي كثيرا ما تضخمها وسائل التواصل الاجتماعي ـ
برز العنف الجنسي كتوجُّه رئيسي في السودان خلال فترة الـ18 شهرا السابقة. ففي دارفور استخدمت قوات الدعم السريع، وهي وحدة عسكرية تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، العنف الجنسي في جبل مرة ومناطق أخرى خلال عام 2015.
وفي يناير/كانون الثاني، اشتملت الهجمات الحكومية على بلدة قولو، في منطقة جبل مرة، على عمليات قتل وضرب واغتصاب طالت عشرات النساء في مستشفى قولو. وقالت مريم (اسم مستعار)، البالغة من العمر 42 عاماً، إن الجنود "اغتصبوا بعض النساء وأجبروا الرجال على حمل الحجارة من مكان إلى آخر كنوع من العقاب". وقالت مريم أيضا: "شاهدت بنفسي اغتصاب 7 نساء". تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من النساء تعرضن للاغتصاب الجماعي، وفي أغلب الأحيان كان ذلك أمام أفراد من المجتمع المحلي أُجبروا على مشاهدة عمليات الاغتصاب ومن رفض ذلك كان مصيره القتل.
تعرضت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) لضغوط من السودان لحملها على خفض مستوى قواتها. وكان السودان قد أغلق مكتب الاتصال التابع للبعثة بالعاصمة الخرطوم أواخر العام 2014، وطرد موظفي الأمم المتحدة، ورفض تجديد تأشيرات الدخول لموظفين آخرين.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحاجة إلى زيادة البعثة المشتركة لتحقيقاتها وتقاريرها العامة حول الانتهاكات باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى. إذ يتعيّن على موظفي البعثة جمع المعلومات حول الانتهاكات المزعومة حتى عندما يمنعهم السودان من الوصول إلى إليها، مثلما يفعل دائماً.
قامت هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2014 بتوثيق عمليات اغتصاب جماعي ارتكبتها قوات حكومية طالت أكثر من 200 امرأة وفتاة في بلدة تابت بولاية شمال دارفور. وكانت الحكومة قد منعت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور من التحقيق بشكل مستقل في هذه الجرائم، كما منعت منظمات الإغاثة وغيرها من الوصول إلى البلدة. وتفيد تقارير إعلامية أن القوات الحكومية واصلت استخدام العنف الجنسي ضد السكان في تابت وأماكن أخرى، في الوقت الذي نفت فيه الحكومة عمليات الاغتصاب الجماعي، ولم تُخضِع أي شخص للمساءلة.
يعكس انتشار العنف الجنسي تمييزا واسعاً ضد النساء والفتيات في مختلف أنحاء السودان. إذ استهدفت قوات الأمن النساء في حملات القمع ضد المحتجين والاعتقالات السياسية. وبموجب قوانين النظام العام يمكن محاكمة النساء والفتيات وجلدهن بسبب "جرائم" مثل ارتداء بنطلون أو إظهار شعرهن، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً للمواثيق الأفريقية والدولية الخاصة بحظر التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. كما أن جريمة الزنا تستخدم بصورة تتسم بالتمييز ضد المرأة، وهي جريمة يُعاقَب عليها بالجلد والغرامة والرجم حتى الموت. كما تعرضت المدافعات عن حقوق الإنسان للمضايقات والاعتقال وسوء المعاملة من السلطات.
المصدر : هيومن رايتس ووتش