صدر مؤخرا تقرير جديد، عن مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، يشير الى ارتفاع عدد الأطفال اللاجئين السوريين المسجلين في المدارس الرسمية في لبنان بنسبة 152 في المائة على مدى السنوات الدراسية الثلاث الماضية، وذلك بفضل الحملات التي نفذتها الحكومة اللبنانية وجهود التوعية التي بذلها الشركاء الدوليون.
يورد التقرير الصادر بعنوان "مكتب مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في لبنان: حملة العودة إلى المدرسة" تفاصيل عن برنامج التعليم المشترك بين الحكومة اللبنانية والمفوضية والشركاء الآخرين العاملين في مجال التعليم والحماية.
وبحسب هذا التقرير، بلغ عدد الأطفال اللاجئين الملتحقين بالتعليم النظامي الرسمي (من الحضانة حتى الصف التاسع) في البلاد خلال شهر كانون الثاني 157,984 طفلا، وذلك مقارنة بـ106,735 في العام السابق و62,735 في العام الدراسي 2013-2014.
ويجري العمل على وضع أهداف أكثر طموحا للعام الدراسي المقبل من خلال استراتيجية التعليم الوطنية التي يتم تطويرها حاليا والتي تهدف إلى توفير التعليم لجميع الأطفال في لبنان.
وتعود هذه الزيادة في معدلات الالتحاق إلى حسن قيادة وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية وخطتها الرامية إلى توفير فرص التعليم لجميع الأطفال في سن المدرسة في لبنان. كما أنها ثمرة عمل المفوضية واليونيسف واليونسكو والجهات المانحة مع الشركاء لتقديم المعلومات اللازمة عن أهمية التسجيل ودعم الأطفال لاستبقائهم في المدرسة.
ومن المساهمات التي تقدمها المفوضية لقطاع التعليم في لبنان إمكانياتها في مجال الاتصال والتوعية وقدرتها على تعبئة المجتمعات المحلية والتشجيع على الالتحاق بالتعليم وتعزيز معدلات الاستبقاء في المدارس. وبشكل أكثر تحديدا، تدعم المفوضية عملية التعلم من خلال أكثر من 100 لاجئ مدربين للعمل كمساعدين تعليميين في مجتمعاتهم المحلية، وهم يساعدون على إنشاء لجان الأهل لتحفيز التحاق الأطفال اللاجئين بالمدارس الرسمية ودعم الطلاب في أداء واجباتهم المدرسية في المنازل أو المخيمات العشوائية أو الشقق المشتركة. وتمكنت المفوضية من القيام بأنشطة التوعية المجتمعية بفضل تمويل الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير.
كما تم دعم نحو 131 شابا خلال العام الدراسي الحالي عبر برنامج المنح الدراسية من مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين للتمكن من متابعة دراستهم في الجامعات اللبنانية. وبدورهم، ساعد الطلاب الحائزون المنح الطلاب الأصغر سنا في أداء واجباتهم المدرسية في مجتمعاتهم المحلية.
ويروي التقرير بعض القصص الإنسانية التي تختبئ خلف الأرقام، بما في ذلك قصة فاطمة، وهي متطوعة سورية تستفيد من خلفيتها العلمية لمساعدة الأطفال في صيدا، وقصة قمر، 14 عاما، التي تعمل جاهدة في مدرسة عيدمون الرسمية في شمال لبنان لتحقيق حلمها بأن تصبح ممرضة، وقصة آية، 4 أعوام، التي حصلت على كرسي متحرك في إطار أحد البرامج التجريبية وهي سترتاد المدرسة قريبا للمرة الأولى في حياتها.
وبحسب ميراي جيرار، ممثلة مكتب المفوضية في لبنان، "فالالتحاق بالمدارس الرسمية وتلقي التعليم النظامي والحصول على شهادات رسمية هو من الأولويات الرئيسية بالنسبة إلى مجتمعات اللاجئين السوريين في لبنان. فلا مستقبل للأطفال الذين سيعيدون بناء سوريا في يوم من الأيام من دون تعليم. لا شك أن أعداد الأطفال المسجلين آخذة في الازدياد، غير أن العديد من الأطفال لا يزالون خارج المدرسة أو يتسربون منها".
وتشير مدارس عدة إلى أن أعداد الطلاب المسجلين لا تتطابق في كثير من الأحيان مع معدلات الحضور الفعلية، وذلك بسبب حراك الأسر اللاجئة وانعدام وسائل النقل أو ارتفاع تكلفتها ومشاكل أخرى تتصل بالتكيف. كما أن بعض الأسر تضطر إلى إرسال أطفالها للعمل من أجل تلبية احتياجاتها. وبحسب تقرير آخر مشترك بين الوكالات، أجري في العام الماضي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، بلغ عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في لبنان في نهاية العام الماضي حوالي 255,400 طفل من مختلف الجنسيات. وقد أوصى هذا التقرير ببذل المزيد من الجهود في مجال التوعية وتوفير المزيد من التمويل للوزارة من أجل زيادة عدد الصفوف.
في العام 2012، فتحت وزارة التربية والتعليم العالي أبواب الالتحاق بالمدارس الرسمية أمام الطلاب اللاجئين السوريين متيحة لهم الفرصة لتلقي التعليم. ومع تنامي الطلب على التعليم، تعاونت المفوضية مع الوزارة لإطلاق دوام تعليمي ثان في العام 2013، من الساعة الثانية بعد الظهر حتى السادسة مساء، وذلك لتمكين عدد أكبر من الأطفال من حضور الصفوف. وقد ارتفع عدد المدارس التي تعتمد دواما تعليميا ثانيا إلى 238 مدرسة في العام 2015-2016، مقارنة بـ144 مدرسة في العام السابق و90 في العام 2013-2014، بحسب تقرير المفوضية.
وفي إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة، وهي مبادرة مشتركة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة، تم تلقي 267.1 مليون دولار أميركي لدعم قطاع التعليم خلال العام 2015، وذلك مقارنة بـ98.8 مليون دولار أميركي في العام 2014. أما تمويل المفوضية لقطاع التعليم، فقد بلغ 27.6 مليون دولار أميركي في العام 2015، مقارنة بـ18.5 مليون دولار في العام 2014. ومن الجهات المانحة الرئيسية في هذا المجال، الاتحاد الأوروبي واليانصيب الخيري الوطني السويسري ومؤسسة القلب الكبير وفرنسا ومؤسسة سعيد للتنمية.
تعمل المفوضية مع شركائها، بما في ذلك وزارة التربية والتعليم العالي واليونيسف والمنظمات غير الحكومية على حملة "العودة إلى المدرسة" قبل بداية كل سنة دراسية، وذلك للمساعدة على إبلاغ الطلاب وأسرهم عن إجراءات الالتحاق بالمدارس وتشجيع التسجيل.
الوكالة الوطنية للاعلام