
تستذكرُ رُسيلة شماسنة والدة الأسير يوسف شماسنة (16 عاما) اللحظات الأولى لاعتقاله، بعد ساعات فقط من إصابته بالرصاص الحي في قدمه، أثناء وجوده بالقرب من الجدار الفاصل المحيط ببلدة قطنة شمال غرب القدس، حيث اقتحم الجنود البيت الساعة الثانية فجرا ومكثوا داخله لأكثر من ثلاث ساعات، وقاموا بتخريب محتويات المنزل والتحقيق مع أفراد العائلة.
وتقول الأم للجزيرة نت: وفي اللحظات الأخيرة قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي من البيت يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، قاموا بتصوير مقطع فيديو لعدة دقائق لجندي منهم وهو يقوم بإلباس يوسف حذاءه، ومن ثم حملوه على الناقلة الطبية.
لكن بعد خروجهم من البيت -تضيف الأم- أغلق جنود الاحتلال الكاميرا وألقوا يوسف على الأرض وبدؤوا بضربه بأعقاب البنادق على مكان الإصابة، ومن ثم أجبروه على السير لعدة كيلومترات وصولا إلى المستوطنة المقامة على أراضي القرية، مما ضاعف إصابته وآثار ما زال يعاني منها حتى اليوم حيث يمكث في سجن مجدو، ولم يتلق العلاج اللازم.
أربعون معتقلا
يعتقل جيش الاحتلال في سجونه أكثر من أربعين فلسطينيا من أهالي قرية قطنة شمال غرب مدينة القدس المحتلة بينهم عدد من الأسرى الأطفال والجرحى الذين أصيبوا أثناء اعتقالهم، أو خلال مواجهات اندلعت مع الجيش داخل شوارع القرية.
وأنصاف من سكان الحي القديم من البلدة يعتقل الاحتلال أيضا طفلها علي البالغ من العمر 15 عاما منذ 11 شهرا، وقد قضت محكمة عسكرية بسجن علي لمدة 18 شهرا وكفالة مالية.
تقول أم علي إن الاحتلال اقتحم منزلهم في مايو/أيار من العام الماضي، حيث لم يكن يوجد ابنها في المنزل، وقد هدد ضابط المخابرات والد عليّ بأنه سيقوم بجلب وحدات خاصة للبيت لتدميره في حال لم يقُم علي بتسليم نفسه ما اضطر والده لتسليمه لهم صباح اليوم التالي.
ويواجه أطفال قرية قطنة كما غيرهم من الأطفال المقدسيين الاعتقال المتكرر من قبل الاحتلال في فترات زمنية متقاربة، مما ينعكس سلبا على حياتهم التعليمية.
وتروي الحاجة صفية والدة الأسير رؤوف حوشية قصة ابنها مع الاعتقالات المتكررة، حيث اعتُقل أول مرة عندما كان عمره 14 عاما، وحُكِم حينها بالسجن لمدة عامين ونصف العام، ومن ثم أعيد اعتقاله بعد فترة قريبة، وحُكِم عليه بالسجن ثمانية شهور، وبعد الإفراج عنه بشهور قليلة تم اعتقاله مجددا حيث يقضي الآن حكما بالسجن لمدة ثلاثين شهرا.
تقول عائلة رؤوف إن الاعتقال كان سببا في تعطيل حياته الأكاديمية حيث اضطر لترك المدرسة بسبب تأخره الكبير عن أبناء جيله، مما دفعه للتوجه مُبكرا إلى سوق العمل الذي لم يتمكن أيضا من الاستمرار فيه بسبب ملاحقة الاعتقال له.
إهمال طبي
ويعاني الأطفال المصابون في سجون الاحتلال من عدم تقديم العلاج الكافي لهم، وفق مدير برنامج المساءلة القانونية في الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الطفل عايد أبو قطيش الذي أكد أن إدارة مصلحة السجون ترفض تقديم العلاج للأسرى داخل المستشفيات الإسرائيلية.
ويوضح أبو قطيش للجزيرة نت أن الاحتلال الإسرائيلي هو النظام الوحيد في العالم الذي يحاكم الأطفال أمام محاكم عسكرية تفتقد للمعايير القانونية.
وأضاف أن الأطفال يواجهون منذ اللحظات الأولى لاعتقالهم -مرورا بالأيام الطويلة التي يخضعون فيها للتحقيق- عدم وجود أي قانون يكفل لهم الحماية ما يجعلهم فريسة سهلة أمام ضباط التحقيق.
المصدر : الجزيرة